المسيحية

تعريف

Rebecca Denova
بواسطة ، تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael
نُشر في 22 March 2022
X
The Last Supper (by Escarlati, Public Domain)
العشاء الأخير
Escarlati (Public Domain)

المسيحية هي أكبر ديانة في العالم، حيث يبلغ عدد معتنقيها 2.8 مليار. صنفت كواحدة من الديانات الإبراهيمية أو التوحيدية الثلاثة للتقاليد الغربية إلى جانب اليهودية والإسلام. كلمة "مسيحي" مشتقة من الكلمة اليونانية "christos" للإشارة للمسيح العبري ("الممسوح بالزيت المقدس"). أصبحت كلمة " Christianoi “، وتعني "أتباع المسيح"، اسمًا للمجموعة التي اتبعت تعاليم يسوع الناصري في إسرائيل في القرن الأول وأعلنته مسيح الأنبياء المتوقع.

دمجت المسيحية معتقدات اليهودية القديمة مع عناصر من الثقافة السائدة للإمبراطورية الرومانية. جُمع بين النصوص المقدسة في الكتاب المقدس المسيحي: الكتاب المقدس اليهودي (يُعتبر الآن العهد القديم) والعهد الجديد (الأناجيل ورسائل بولس وسفر الرؤيا). يستعرض هذا المقال أصول تلك الحركة التي أصبحت في النهاية ديانة مستقلة.

خلفية عن اليهودية القديمة

تشترك اليهودية القديمة في العديد من العناصر مع الثقافات الأخرى ووجهات نظرهم الدينية حيث اعتقدوا أن السماوات تحتوي على تدرجات للقوى الإلهية التي أثرت بشكل مباشر على حياتهم اليومية. إن ما يميز اليهود القدماء عن جيرانهم هو أمر إلههم في إسرائيل بتقديم الـأضحيات (الذبائح) له فقط. "العبادة" بهذا المعنى تعني الأضحيات. كان لليهود علامات هوية عرقية مميزة: الختان، والقوانين الغذائية، وشعائر السبت (تعليق جميع الأعمال كل يوم سابع). يُعتقد أن النبي موسى، تلقى قانونًا مباشرًا من الله لتنظيم اليهود كأمة بموجب شريعة موسى. أسس اليهود مملكة في أرض كنعان تحت حكم الملك داود وسليمان، اللذين بنوا الهيكل في القدس (1000-920 قبل الميلاد).

في ذلك الوقت، سيقيم الله مسيحًا من نسل الملك داود، وبعض الأمم (غير اليهود) سيتحولون ويعبدون إله إسرائيل.

عانى اليهود من عدة كوارث وطنية على مر القرون. احتلت الإمبراطورية الآشورية ودمرت مملكة إسرائيل الشمالية عام 722 ق.م، وتبع ذلك تدمير القدس والهيكل من قبل الإمبراطورية البابلية الحديثة في عام 587 ق.م. برر أنبياء إسرائيل (العرافون) تلك الكوارث بزعم أن الله عاقب اليهود بسبب اندماجهم في عبادة الأصنام في الأرض. لكنهم قدموا رسالة عزاء مفادها أن في المستقبل، سيتدخل الله مرة أخرى في تاريخ البشرية في الأيام الأخيرة. في ذلك الوقت، سيقيم الله مسيحًا من نسل الملك داود، وبعض الأمم (غير اليهود) سيتحولون ويعبدون إله إسرائيل.

الاحتلال اليوناني الروماني

كانت الإمبراطورية السلوقية تحكم اليهود، في القرن الأول قبل الميلاد. منع الملك أنطيوخس الرابع (175-164 ق.م) العادات اليهودية وأمر اليهود بالتضحية للآلهة اليونانية. قام اليهود بقيادة الحشمونيين في تمرد المكابيين وطردوا السلوقيين. إن معاناة اليهود كما هو مسجل في سفر المكابيين الثاني، أدخلت مفهومين جديدين في اليهودية:

  1. مفهوم الشهيد كشخص مات من أجل معتقداته.
  2. كل الشهداء سيُكافأون بالقيامة على الفور إلى الجنة.

احتلت روما يهودا عام 63 ق.م. استجابت طوائف يهودية مختلفة، مثل الفريسيين والصدوقيين والإسينيين والغيورين (الزيلوت) للاحتلال بطرق مختلفة. تشاركت هذه المجموعات التقاليد الأساسية ولكنها اختلفت في كيفية الرد على العدوان الجديد والثقافة السائدة للإمبراطورية الرومانية.

حاول العديد من المسيحيين خلال القرن الأول الميلادي، تعزيز التمرد بين الحشود في أوقات المهرجانات الرومانية. كان رد فعل روما النموذجي هو قتل القائد وأكبر عدد ممكن من الأتباع. كانت الدعوة إلى مملكة غير روما تعادل الخيانة، التي كان عقوبتها الصلب.

يسوع الناصري

أصبح يسوع، الواعظ المتجول من الناصرة، محور طائفة من اليهود الذين اجتمعوا للاستماع إلى خطبه في منطقة الجليل. أعلن أن مملكة السماء باتت وشيكة تمشيا مع أنبياء إسرائيل، سيتدخل الله قريبًا ويوفر العدالة للجميع. اختار اثني عشر تلميذًا (الحواريين) كرمز لأسباط إسرائيل الاثني عشر. اشتهر حسب الأناجيل (سيرة يسوع المكتوبة بين 70-100 م) بمعجزاته. أعلنه أتباعه أنه المسيح الموعود.

Calling of the Apostles by Domenico Ghirlandaio
دعوة الرُسل لدومنيكو غرلاندايو
Perledarte (CC BY-NC)

ذكرت الأناجيل أنه في رحلة إلى القدس خلال عيد الفصح (حوالي 30-33 م)، تمت محاكمة يسوع من قبل السنهدريم (المجلس الحاكم في القدس) بسبب الوعظ المزعوم ضد ممارسات الهيكل. سلم بعد إدانته إلى الحاكم الروماني، بيلاطس البنطي، الذي صلبه بدعوى أنه ملك اليهود. أصبحت محاكمة وصلب يسوع الناصري في النهاية جزءًا من الليتورجيا المسيحية (طقوس الكنيسة) من خلال إعادة تمثيل هذه الأحداث كل عام، خلال أسبوع عيد الفصح.

اختلفت هذه الطائفة من اليهود عن الآخرين في ادعاءاتهم ليسوع أنه المسيح. على الرغم من مقتله، قام من بين الأموات يوم الأحد بعد وفاته. صعد إلى السماء بالجسد بحسب إنجيل لوقا. ما جعل هذه الطائفة من اليهود مختلفة عن غيرهم هو تعليمهم أن أولئك الذين تبعوا يسوع سيشاركون أيضًا في قيامة الأموات.

كان على كتبة الإنجيل أيضًا أن يواجهوا مشكلة أنه عندما كان يسوع على الأرض، لم يكن الملكوت قد تحقق. تصور أحد الأتباع الأوائل الفكرة المعروفة باسم المجيء الثاني ("الظهور الثاني")، والتي بموجبها سيعود يسوع إلى الأرض في وقت ما في المستقبل، وبعد ذلك ستتحقق جميع نبوءات الأنبياء.

التبشير للعالم

كانت طقوس القبول هي المعمودية، وهي طقوس مائية ترمز إلى التوبة والتوجه إلى الله.

حل الروح القدس وفقًا لسفر أعمال الرسل الثاني، في عيد العنصرة اليهودي، على التلاميذ وأعطاهم القوة لنقل رسالة يسوع إلى مدن أخرى كمبشرين. كانت طقوس القبول هي المعمودية، وهي طقوس مائية ترمز إلى التوبة والتوجه إلى الله. بدأ هذا منذ البداية من قبل شخص معاصر ليسوع، يعرف باسم يوحنا المعمدان.

تفاجأ المبشرون المسيحيون الأوائل عند التبشير برسالتهم إلى مدن أخرى، أراد المزيد من الأمميين الانضمام إلى الحركة الجديدة أكثر من اليهود. عقد اجتماع في القدس (حوالي 49 م) لتقرير ما إذا كان هؤلاء الوثنيون يجب أن يتحولوا إلى اليهودية أولاً. قرر المجلس الرسولي أن الوثنيين ليسوا مضطرين لتبني علامات الهوية العرقية لليهود (الختان، قوانين النظام الغذائي، السبت)، لكن كان عليهم التوقف عن أكل اللحوم الموجودة في البرية، والطعام الذي يتم التضحية به للأصنام، واتباع قوانين سفاح القربى اليهودية.

بولس الرسول

عارض بولس الحركة الجديدة في البداية بصفته فريسي. ثم تلقى رؤيا عن يسوع (الذي يُدعى الآن "المسيح") الذي أخبره أنه سيكون رسوله ("المبشر") للأمم. سافر بولس إلى المدن الشرقية للإمبراطورية الرومانية، يكرز بأي تقاليد يعرفها عن المسيح، لكنه أضاف الإلغاء التام لعبادة الأصنام. كانت الثقافات القديمة لآلاف السنين، تتصور الأفكار الدينية على أنها تجري مجري الدم في العروق، تنتقل من السلف الذين تلقوها من الآلهة إلى الخلف. قلب بولس هذا النظام القديم رأساً على عقب، بزعمه أن الإيمان ("الولاء") لتعاليم المسيح هو كل ما هو ضروري للخلاص ("الإنقاذ"). تشير رسائل بولس الرسول إلى الأمم إلى أنه كثيرًا ما تم القبض عليه وسجنه بسبب تلك التعاليم.

Ananias Baptizes Saint Paul
حنانيا يُعمّد القديس بولس
Lawrence OP (CC BY-NC-ND)

قال بولس أن خطيئة آدم جلبت عقوبة الموت إلى العالم وأن موت المسيح على العكس جلب الحياة الأبدية. كفَّر المسيح عن خطيئة آدم، وَغَفَّرَ خَطِيَّةِ آدمِ. علم بولس أتباعه تطبيق التشبيهات القضائية، فقد تم تبرئتهم أصبحوا ("أطهار") من الاضطرار إلى الخضوع لعقوبة الخطيئة، عقوبة الموت. ادعى أحد أباء الكنيسة اللاحقين، أوغسطينوس (354-430) أن الخطيئة الأصلية لآدم وحواء تركت وصمة على الإنسان الأول من خلال الاتصال الجنسي، والذي انتقل بعد ذلك إلى جميع البشر. قدم هذا المفهوم المسيحي للجنس كخطيئة وأدى أيضًا إلى الاقتناع بأنه لا يمكن الخلاص إلا بدون المعمودية.

قال بولس أنه عندما يعود المسيح، يتحول المؤمنون إلى أرواح وينضمون إلى المسيح في قيادة ملكوت الله على الأرض. مع مرور العقود وعدم عودة المسيح، تكيف المسيحيون واقتنعوا بأنه على الرغم من أن المؤمنين ما زالوا يموتون جسديًا، إلا أنهم سيكونون قادرين على المشاركة في الحياة الآخرة في الجنة.

المسيح كإله

كان الابتكار الرئيسي فيما يتعلق باليهودية هو رسالة بولس الثانية إلى أهل فيلبي بأن المسيح كان حاضرًا منذ الخليقة ونزل من السماء كإعلان عن الله نفسه في جسد بشري. أصبح المسيح الآن على هذا النحو، مستحقًا للعبادة، بلقب "الرب" ومعادلًا لله. تتلاءم هذه الفكرة مع قصص الوثنيين، عن سفر آلهتهم إلى الأرض متخفيين، ولكن بالنسبة للعديد من اليهود، كان هذا التعليم مسيئًا وتجديفًاً.

لم يعد المؤمنون مرتبطين جغرافياً أو عرقياً، فقد تم احتضان المؤمنين من جميع المقاطعات وجميع الطبقات في مجموعة من المفاهيم الدينية المشتركة.

أدت الثورة اليهودية الكبرى عام 66 م إلى تدمير القدس والهيكل على يد الجنرال الروماني والإمبراطور المستقبلي تيتوس في 70 م. أصبح هذا الحدث صرخة مسيحية حاشدة ضد اليهود الذين لم يقبلوا يسوع باعتباره المسيح. عاقبهم الله باستخدام روما لتدمير نظام معتقداتهم.

ربما كانت التعاليم المبتكرة للمسيحية المبكرة هي الحوافز الرئيسية لانتشار الحركة في جميع أنحاء الإمبراطورية. لم يعد المؤمنون مرتبطين جغرافياً أو عرقياً، فقد تم احتضان المؤمنين من جميع المقاطعات وجميع الطبقات في مجموعة من المفاهيم الدينية المشتركة. يمكن العثور على المسيحيين بحلول القرن الثاني الميلادي، من بريطانيا (الأراضي الأوروبية) إلى إفريقيا ومناطق في آسيا.

الاضطهاد المسيحي (90-312 م)

كان لدى روما القديمة طوائف (collegia)، وهي مجموعات من الأشخاص الذين يشتركون في نفس الأعمال أو التجارة ويلتقون معًا تحت رعاية إله. ومع ذلك، كان على المجموعة الحصول على إذن للاجتماع من مجلس السيناتو، وهو ترخيص للتجمع. منح يوليوس قيصر (100-44 قبل الميلاد) اليهود الحق في التجمع وأعفاهم من ديانة الدولة في روما، لكن المسيحيين لم يكن لهم نفس الحق لأنهم لم يكونوا يهودًا (غير مختونين).

أسس أغسطس (حكم من 27 ق.م إلى 14 م) بناءً على المفهوم اليوناني ("التأليه")، عبادة الإمبراطور، وبدءًا من يوليوس قيصر، كان من المفهوم أن الأباطرة المتوفين هم مع الآلهة. تطورت إلى ترقية الأباطرة الأحياء كمسؤولين عن أوامر الآلهة واستخدمت كدعاية في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية. رفض المسيحيون المشاركة، وكان رد روما على انتشار المسيحية هو اتهامهم بجريمة الكفر "عدم احترام الآلهة". كان غضب الآلهة يهدد ازدهار الإمبراطورية الرومانية، ولذا كان ما فعله المسيحيين معادلاً للخيانة. هذا هو سبب إعدام المسيحيين في الساحات بعبارة "المسيحيون للأسود". طلب القادة المسيحيون باستمرار من الأباطرة على مدى الـ 300 عام التالية، منحهم نفس الإعفاء من طقوس الدولة مثل اليهود، لكن تم رفضهم حتى عام 313 م.

A Christian Dirce
ديركي المسيحية
Franciszek Stolot (CC BY-SA)

اعتمد المسيحيون نفس مفهوم المكابيين من خلال الادعاء بأن أي شخص مات من أجل إيمانه سيتم نقله على الفور إلى حضرة الله كشهيد. الاستشهاد يبرأ من كل الذنوب، وفيما بعد، وصف الأدب الأسطوري المعروف باسم الاستشهاد تفاصيل محنتهم. ومع ذلك، كان الاضطهاد متقطعًا ومقتصرًا على أوقات الأزمات. أدعي أن الزلازل والأوبئة والتضخم والمجاعة والجفاف والغزوات على الحدود بسبب غضب الآلهة، وأصبح المسيحيون كبش فداء مناسب لمثل هذه الكوارث. حدثت أشد الاضطهادات في عهد ديكيوس (251 م) ودقلديانوس (302/303 م).

إنشاء الكنيسة والتسلسل الهرمي المؤسسي

مرت عقود ولم يصل ملكوت الله بحلول منتصف القرن الثاني. لا يزال المسيحيون يؤمنون بعودة المسيح، لكن هذا تم تأجيله إلى المستقبل. في غضون ذلك، أصبحت المجالس المسيحية تتخذ الشكل المؤسسي من حيث انتخاب القادة ونظمت على أساس فكرة أن المؤمنين يجب أن يعيشوا كما لو كانت المملكة موجودة بالفعل؛ سيوجد الملكوت في الكنيسة. (تُرجمت من الكلمة اليونانية(ecclesia)، "التجمع"، في النهاية على أنها "كنيسة"). بقي عدد قليل جدًا من المسيحيين اليهود في المجتمعات المسيحية. كان القادة المسيحيون من المتحولين المتعلمين من الثقافة السائدة.

The Church Fathers Mosaic
فسيفساء آباء الكنيسة
Unknown Artist (Public Domain)

أصبحت كتابات هؤلاء الرجال ووجهات نظرهم عقيدة مسيحية، وهي مجموعة معتقدات مقبولة للمجموعة، والتي تم اعتبارها عقيدة بأثر رجعي:

  • انتخاب رجال الدين على غرار المستوى الإداري في الحكومة الرومانية الإقليمية، تم انتخاب الأساقفة (المشرفين في الأبرشية) من قبل المجتمعات. كما تم انتخاب الشمامسة للمساعدة في خدمة الأساقفة في توزيع الصدقات. أصبح الشمامسة في النهاية كهنة، وشكل المستويان معًا رجال الدين المسيحيين.
  • شبع روح الله المسيح بالقدرة على مغفرة الخطايا على الأرض. انطلاقا من هذا المفهوم تم منح مغفرة الخطايا أولاً لتلميذه، بطرس، ثم للآخرين. لقد نقلوا الروح إلى رجال الدين الذين عينوهم، ومنح رجال الدين المسيحيين القوة الفريدة لمغفرة الخطايا على الأرض.
  • الفلسفة المسيحية - تشترك مع الفلاسفة في الاعتقاد بوجود إله أعلى، كائن أثيري أول من انبثق من القوى المختلفة في الكون. أطلق الله بعد ذلك مفهومًا يُعرف باسم اللوغوس (غالبًا ما يُترجم باسم "الكلمة") لتنظيم المادة في الكون. ادعى الكتاب المسيحيون أن الإله الأعلى هو إله إسرائيل، الذي انبثق من المسيح في شكل الكلمة (اللوغوس).
  • أصبح التبتل لرجال الدين، الزهد، (عدم الانغماس في شهوات الجسد) - مثالًا مسيحيًا مهمًا. حث رجال الدين المسيحيين على البقاء عازبين (بدون زواج) وطاهرين (عدم الجماع)، مما جعلهم أعلى من المجتمع كشهداء أحياء ضحوا بحياتهم الطبيعية من أجل الكنيسة.
  • ظهر ابتكار رئيسي آخر (الأرثوذكسية / الهرطقة) الأرثوذكسية ("الإيمان القويم") والهرطقة (من التفسير اليوناني، مدرسة الفلسفة). ظهرت مجتمعات مسيحية في منتصف القرن الثاني الميلادي، مصنفة تحت مصطلح "الغنوصيين". ادعى الغنوصيون أن لديهم معرفة سرية عن طبيعة الله والكون والمسيح. تحدت أفكارهم التعاليم المسيحية السائدة حول الخلاص الموجود في صلب وقيامة الجسد. كان رد الفعل ضد الغنوصيين هو إنتاج مجموعة هائلة من الأدبيات، تحدد المعتقدات الصحيحة (الأرثوذكسية) مقابل المعتقدات غير الصحيحة لهذه الجماعات (الهراطقة). أصبحت هذه التعاليم الأساس اللاحق لقوانين الإيمان المسيحية. شهد إعلان الأناجيل الغنوصية كهرطقات بداية التقديس النهائي لأربعة أناجيل فقط في العهد الجديد: مرقس ومتى ولوقا ويوحنا.
  • انفصال المسيحية عن اليهودية: ثار اليهود ضد روما في عام 135 م، كان القادة المسيحيون حريصين على إقناع روما عندما فشلت ثورة شمعون بار كوخبا، بأن المسيحيين هم مواطنون وطنيون يطيعون القانون الروماني. التمس القادة المسيحيون الأباطرة في مناشداتهم لوقف الاضطهاد المسيحي، للاعتراف بالعصور القديمة للمسيحيين، فهم اليهود الحقيقيين لعهد الله الأصلي (verus Israel). طبق الأسلوب الأدبي الفلسفي الرمزي للعهد القديم لإثبات قدم المسيحية. كانت وصية اليهود وأنبياء إسرائيل قد أشارت جميعها إلى المسيح. في كل مكان ظهر فيه الله في الكتاب المقدس كان كمسيح سابق الوجود.

أصبحت المسيحية الآن نظامًا دينيًا غير يهودي من الناحية العرقية، ولم يعد متوافقًا مع الثقافة السائدة، ولكنه نظام فريد من نوعه يضم عناصر من كليهما.

تنصير الإمبراطورية الرومانية

تغيرت الحياة بشكل غير متوقع لجميع المسيحيين في عام 312 م. اصطدم قسطنطين الأول (حكم 306-337 م) في سعيه لأن يصبح الحاكم الوحيد للإمبراطورية الرومانية، مع منافس آخر في الإمبراطورية الغربية، مكسينتيوس. تلقى قسطنطين في الليلة التي سبقت المعركة في جسر ميلفيان في روما، رؤية إما بعلامة الصليب أو الحرفين الأولين من اسم المسيح، (chi/rho)، مع الكلمات (en toutoi nika) ("بهذا الرمز أنت ستنتصر") مكتوب تحتها. نسب قسطنطين النصر للإله المسيحي بعد هزيمة مكسنتيوس.

Constantine's Conversion
معمودية قسطنطين
Peter Paul Rubens (Public Domain)

منح مرسوم ميلانو (313 م) المسيحيين أخيرًا الإذن بالتجمع. لم يؤد تحول قسطنطين إلى المسيحية إلى جعل الإمبراطورية مسيحية بين عشية وضحاها، ولكن أصبح للمسيحية الآن مكانة قانونية. فضل قسطنطين المسيحيين بإعفاء رجال الدين من الضرائب، وتعيين المسيحيين كقضاة، وتوفير الأموال لبناء الكنائس.

ارتد بعض الأساقفة المسيحيين خلال اضطهاد دقلديانوس، بتقديمهم القرابين للآلهة الرومانية. أدى الجدل الدائر حول ما إذا كان ينبغي أن يغفر لهؤلاء الأساقفة إلى انقسام الكنائس، وناشدوا قسطنطين بالتوسط بينهم. أمر قسطنطين لتعزيز وحدة الإمبراطورية، بسياسة "الصفح والنسيان" وأصبح الرئيس الرسمي للكنيسة باعتباره الراعي الأعلى للمسيحية. تبنى قسطنطين آراء آباء الكنيسة واستخدم نفس المفهوم الذي كان عليه عندما اضطهدت روما المسيحيين: أي شخص يختلف مع مسيحيته يعتبر مهرطقًا وخائناً.

مجمع نيقية

كافح المسيحيون مع مشكلة تتعلق بادعائهم أنهم ورثوا التوحيد اليهودي، عندما بدأ أتباع يسوع يعبدونه كإله. كان المسيحيون منذ البداية، يعبدون يسوع كإله وعمدوا "باسم الآب والابن والروح القدس" (ديداخي 7: 5). اقترح أحد الكهنة في كنيسة الإسكندرية باسم أريوس في أوائل القرن الرابع، أنه إذا كنت تؤمن بأن الله قد خلق كل شيء في الكون، فعندئذ في مرحلة ما، بصفته الخالق، لا بد أنه خلق المسيح. هذا أنزل مرتبة المسيح كتابع، مخلوق من الله. نشبت أعمال شغب بسبب هذا في الإسكندرية وفي مدن أخرى. دعا قسطنطين في 325 م، إلى مجمع كبير لتسوية هذه القضية ودعا 217 أسقفًا إلى مدينة نيقية.

صوّت المجمع بعد أيام من النقاش، على أن الله والمسيح متطابقان من حيث الجوهر (يشتركان في نفس الجوهر الأثيري)، وأنهما كانا موجودين منذ بداية الزمان. ظهر في يسوع الأرضي عندما انبثقت الكلمة من الله (المسيح). مع تطابق المسيح مع الله، تم الاحتفاظ بالتراث المسيحي للتوحيد في اليهودية التقليدية، والذي يُعرَّف الآن على أنه الإيمان بإله واحد. سيقف الإمبراطور المسيحي حتى عودة المسيح، إلى الأرض. كقائد للمسيحية، صور قسطنطين وخلفائه بهالات من نور فوق رؤوسهم.

First Council of Nicaea
مجمع نيقية الأول
Jjensen (Public Domain)

جعل قسطنطين الأساقفة في اجتماعهم، أن يبتكروا ما أصبح قانون إيمان نيقية، وهو ابتكار مسيحي آخر. (يطلق عليها اسم عقيدة من اللاتينية (creed) "عقيدة" أو "الإيمان"). لم يكن في العالم القديم، مفهوم العقيدة موجودًا لأنه لم تكن هناك سلطة مركزية لإملاء ذلك التوافق. أمر قسطنطين بصفته رئيسًا للدولة والكنيسة، كل مسيحي بما يجب أن يؤمن به حتى لا يقع في خطيئة الهرطقة.

أمر قسطنطين بتوزيع 50 نسخة من الأناجيل، وهو ما يحدد على الأرجح الاعتراف الرسمي بما أصبح الأناجيل الأربعة الكنسية. اتبعت بعض المجتمعات المسيحية التقويم القمري اليهودي للاحتفال بعيد الفصح، بينما اختلف البعض الآخر. حدد قسطنطين التاريخ الرسمي بالطريقة التي فعلوها في روما: سيتم تكريمه في يوم الأحد الأول بعد اكتمال القمر الأول بعد الاعتدال الربيعي. اختار لاحقًا 25 ديسمبر عيد ميلاد المسيح (عيد الميلاد)، حيث تم دمج العديد من التقاليد الموجودة في الاحتفال الروماني بعيد الإله ساتورن في ديسمبر.

لم يكن كل الأساقفة راضين عن قانون إيمان نيقية. اجتمعت عدة مجامع على مدى القرون العديدة التالية، لمناقشة التفاصيل، وسيستمر هذا طوال العصور الوسطى وما بعدها. يُذكر ثيودوسيوس الأول (حكم من 347 إلى 395 م) باعتباره بطلًا عظيمًا للأرثوذكسية. أصدر مرسومًا في عام 381، حدد النهاية الرسمية للطوائف الدينية في العالم القديم. حظر ثيودوسيوس الألعاب الأولمبية (المخصصة للآلهة) عام 396 م، ولن تظهر مرة أخرى حتى عام 1896. أصدر أوامر بتدمير جميع المعابد والأضرحة أو تحويلها إلى كنائس. كان هذا كله عندما اخترع المسيحيون مصطلح (pagianoi) ("الوثنيين"، أي ما يعادل الجهلاء)، وهو افتراء سلبي ضد أولئك الذين لم يتحولوا بعد للمسيحية.

الرهبنة وعبادة القديسين

نشأت الرهبنة في مصر في منتصف القرن الثالث الميلادي وأصبحت في النهاية مؤسسة رئيسية في المجتمعات الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية. كان الأنبا أنطونيوس المصري (251-356 م) أول من تخلى عن تقاليد الحياة في هذا العالم، من أجل العزلة والتكريس الكامل لله. اعتزل إلى كهف في الصحراء ليقضي حياته في الصلاة. وسرعان ما تبعه رجال ونساء آخرون ليعيشوا كنسّاك في الصحراء. أصبح المنعزلون، الذين يُعتبرون "آباء وأمهات الصحراء"، نماذج للتقوى وأدى في النهاية إلى ظهور الرهبانيات في العصور الوسطى.

St. Catherine's Monastery, Sinai
دير سانت كاترين بسيناء
Marc!D (CC BY-NC-ND)

استعار المسيحيون الأفكار القديمة لطوائف الأبطال اليونانية ومفهوم علاقات (القديسين / التابعين). تم إنشاء عبادة الأبطال من قبل المدن التي ادعت أن لديها مقابر الأبطال. قام الناس بالحج إلى هذه المواقع، وتقديم التماس إلى الأبطال (الآن مع الآلهة) للتوسط لهم وتقديم المساعدة لهم. أصبحت قبور الشهداء الأوائل للمسيحية ابتداءً من القرن الرابع الميلادي، باعتبارها تقاطعًا مقدسًا بين السماء والأرض، هدفًا للحج وقام المسيحيون بتقديم التماس إلى الشهيد الميت من خلال التراتيل والصلوات. أصبح الشهداء والرهبان المقتولون الآن قديسين شفعاء، وأصبحت البلدات والمدن التي بها قبر شهيد مواقع حج شهيرة.

بدأ المسيحيون بإزالة وصمة عبادة الأصنام في المباني العامة التي أصبحت الآن كنائس، في نبش عظام الشهداء ونقلهم إلى جدران المباني. كان يعتقد أن هذه الآثار تحتوي على قوة خاصة لجعل المبنى مساحة مقدسة. أصبحت تجارة الآثار (العظام والأشياء التي لمست شهداء سابقين) ظاهرة في جميع أنحاء الإمبراطورية ولا تزال مهمة في الكنيسة الكاثوليكية.

صعود المؤسسة البابوية

بدأ سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية بعد نهب روما، 410 م، على يد ألاريك الأول، ملك القوط الغربيين. غزا أتيلا زعيم الهون إيطاليا في عام 450 م، ونهب عدة مدن، وتوجه إلى روما. يعود الفضل إلى الأسقف ليو الأول (400-461 م)، المعروف أيضًا باسم ليو الكبير، في التفاوض مع أتيلا لتجنيب المدينة الويلات. تولى ليو الأول بصفته أسقفًا لروما، المسؤوليات العلمانية، مما أدى إلى إنشاء مؤسسة البابوية. مُنح ليو لقب "بطريرك الغرب"، والذي تضمن الاستخدام الأول للقب "البابا" بالنسبة لليو. كلمة (popa) مشتقة من الكلمة اليونانية للأب. تم استخلاص المصادقة على سلطة البابا من أسبقية القديس بطرس، حيث ادعى بأثر رجعي أن القديس بطرس أول بابا لروما.

أسئلة وأجوبة

ما هي المسيحية؟

المسيحية هي أكبر ديانة في العالم ، حيث يبلغ عدد معتنقيها 2.8 مليار. تم تصنيفها كواحدة من الديانات الإبراهيمية أو التوحيدية الثلاثة للتقاليد الغربية إلى جانب اليهودية والإسلام.

من الذي بدأ الديانة المسيحية؟

بدأت الحركة على يد يسوع الناصري في القرن الأول في إسرائيل. أعلنه أتباعه أنه مسيح الأنبياء المتنبأ بهم وأصبحوا معروفين بالمسيحيين (كريستيانوي ، "أتباع المسيح).

هل يؤمن المسيحييون أن يسوع هو الله؟

صوّت مجمع نيقية (325 م) على أن الله والمسيح متطابقان من حيث الجوهر (يشتركان في نفس الجوهر الأثيري)، وأنهما كانا موجودين منذ بداية الزمان. عندما انبثقت الكلمة من الله(المسيح)، ظهر في يسوع الأرضي.

قائمة المصادر والمراجع

موسوعة التاريخ العالمي هي إحدى شركات Amazon Associate وتحصل على عمولة على مشتريات الكتب المؤهلة.

نبذة عن المترجم

Mahmoud Ismael
مدرس تاريخ مهتم بترجمة المقالات والأبحاث التاريخية.

نبذة عن الكاتب

Rebecca Denova
الدكتورة ريبيكا آي. دينوفا، محاضرة بداول كامل في جامعة بيتسبرغ حيث تدرس المسيحية المبكرة في قسم الدرسات الدينية. وأنهت مؤخرا كتابها: "ديانات اليونان وروما" لدرا نشر (وايلي بلاكويل).

استشهد بهذا العمل

نمط APA

Denova, R. (2022, March 22). المسيحية [Christianity]. (M. Ismael, المترجم). World History Encyclopedia. تم استرجاعها من https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-665/

أسلوب شيكاغو

Denova, Rebecca. "المسيحية." تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. آخر تعديل March 22, 2022. https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-665/.

أسلوب إم إل إيه

Denova, Rebecca. "المسيحية." تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. World History Encyclopedia, 22 Mar 2022. الويب. 15 Apr 2024.