المستعمرات الإنجليزية الوسطى والجنوبية

تعريف

Joshua J. Mark
بواسطة ، تمت ترجمته بواسطة Asmaa Yunes
نُشر في 06 April 2021
متوفر بلغات أخرى: الإنجليزية, صينى, الفرنسية
استمع إلى هذه المقالة
X
طباعة المقالة
English & French Colonies in North America, 1758 CE (by John Bowles & Son, Public Domain)
المستعمرات الإنجليزية والفرنسية بأمريكا الشمالية عام 1758 ميلاديا
John Bowles & Son (Public Domain)

تم تشجيع تأسيس المستعمرات الإنجليزية الوسطى والجنوبية بأمريكا الشمالية من قبل المستوطنات الانجليزية السابقة لمستعمرة جيمستاون بفرجينيا جنوبا (المؤسسة عام 1607) ومستعمرة بليموث وخاصة أيضا مستعمرة خليج ماساتشوستس في الشمال المؤسسان عامي 1620 و 1630 على التوالي.

هذه المستعمرات الأولية لم تُلهم الإنجليز فقط لعبور الأطلسي لبدء حياة جديدة في شمال أمريكا وإنما لبدئها بشكل خاص في المستعمرات الوسطى، خاصة تلك التابعة لدول أخرى. نمت المستعمرات الإنجليزية الجديدة بشكل أساسي من مستعمرة خليج ماساتشوستس بعد نجاح مستعمرة بليموث. وتم إنشاء رود آيلاند، كونيتيكت، ونيوهامشير من قبل المتدينين الخوارج من خليج ماساتشوستس. كانت المناطق التي أصبحت فيما بعد المستعمرات الوسطى تحت سيطرة الهولنديين بشكل كبير حتى عام 1664 بينما الأراضي التي أصبحت المستعمرات الجنوبية استوطنها الأمريكيون الأصليون الذين تم وضعهم هناك عندما أصبحت حقول التبغ في فرجينيا ثم حقول الأرز في كارولينا مدرة للربح الوفير.

سعى المستعمرين الإنجليز بثبات للاستحواذ على أراضي الأمريكيين الأصليين أو بالأحرى حرمهم منها وطردوا الهولنديين منها للسيطرة على الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية مما سمح لهم بالتجارة الخارجية المربحة. وتوضح التواريخ التالية فرض السيطرة الانجليزية على المستعمرات رغم أن، في حالة المستعمرات الوسطى، المستوطنات الأوروبية كانت قائمة بالفعل.

المستعمرات الوسطى:

  • ديلاوير - المؤسسة عام 1664
  • نيو جيرسي - المؤسسة عام 1664
  • نيويورك - المؤسسة عام 1664
  • بنسيلفانيا - المؤسسة عام 1681

المستعمرات الجنوبية:

  • فرجينيا - المؤسسة عام 1607
  • ماريلاند - المؤسسة عام 1632
  • كارولينا (لاحقا قُسِمت لكارولينا الشمالية والجنوبية) - المؤسسة عام 1663
  • جورجيا - المؤسسة عام 1733
  • فلوريدا (بعد عام 1763)

بعد عام 1619، تم ترسيخ العبودية في فرجينيا الى أن تم وضع قوانين الرقيق من قبل مجلس بورغيسيس في ستينات القرن السابع عشر. وبحلول عام 1700، كانت العبودية راسخ أساسي في تكوين اقتصاد المستعمرات الجنوبية وجزء مهم، رغم القدرة على الاستغناء عنه، في اقتصاديات المستعمرات الوسطى ومستعمرات نيو إنجلاند.

بعد الحرب الفرنسية والهندية (1754-1763)، أصبحت المستعمرات أكثر ارتباطا رغم احتفاظ كل منها بنظام حكومة خاصة بها وسعيها لتحقيق مصالحها الخاصة، واستمر هذا الوضع خلال حرب الاستقلال الامريكية (1775-1783)، التي ستحول المستعمرات الثلاثة عشر الأصلية إلى الولايات المتحدة الأولية لأمريكا.

المستعمرات الإنجليزية الأولية

على عكس مستعمرات نيو إنجلاند، احتذت المستعمرة الهولندية بنماذج دولتها الأم فيما يخص الدين والتسامح الثقافي.

جاءت إنجلترا متأخرة فيما يخص استعمار أمريكا. كان الأسبان أول المستعمرين عام 1492، تبعهم البرتغال بحلول عام 1500 في المناطق الجنوبية ثم الفرنسيين في نفس الوقت تقريبا مستعمرين الشمال (الذي يمثل حاليا كندا و ماين الشمالية). لم ينشئ الإنجليز أي مستوطنة إلى أن فشلت سريعا محاولتهم الأولى في مستعمرة روانوك (1587-1590).

في عام 1607، قام الإنجليز بتأسيس مستعمرة جيمستاون في فرجينيا ومستعمرة بوفام التي تمثل ماين حاليا؛ فشلت مستعمرة بوفام بعد سنة أو أكثر من تأسيسها، وعانت فرجينيا للبقاء حتى تمكنت منه بفضل الحكومات الصارمة لاشخاص مثل توماس ويست، اللورد دي لا وار(عاش بين 1577-1618) والسيد توماس ديل (عاش بين 1560- 1619) وحقل التبغ التابع للسيد جون رولف ( عاش بين 1585- 1622). في نيو إنجلاند ( المسماه هكذا من قبل القبطان المستكشف جون سميث عام 1614)، وبعد سقوط فوبام، لم تُتخذ أي محاولات أخرى للاستعمار إلى أن تأسست مستعمرة بليموث عام 1620. حيث شجع نجاح مستعمرة بليموث الإنجليز لمتابعة استعمارهم لنيو إنجلاند مؤسسين مستعمرة ماريمونت عام 1624 ومستعمرة خليج ماساتشوستس عام 1630. والخواج من مستعمرة خليج ماساتشوستس سيؤسسون تباعا مستعمرات نيو إنجلاند الأخرى بين عامي 1636- 1638.

نيو إنجلاند والهولنديون

استولى الهولنديون على المنطقة بين نيو انجلاند وفرجينيا بحلول عام 1609 وكانوا بالفعل في نزاعات مع الإنجليز بشأن التجارة خلال عام 1633 عندما أسس جون وينثروب (عاش بين 1588- 1649 تقريبا) حاكم مستعمرة خليج ماساتشوستس مركزا للتجارة على نهر كونيتيكت قبل المركز الهولندي لقطع اتصال تجارتهم للفراء مع السكان الأمريكيين الأصليين من الداخل.

وعلى عكس المستعمرات الانجليزية، احتذت المستعمرة الهولندية بنيو نذرلاند (المعروفة أيضا بهولندا الجديدة) بنفس النماذج الدينية والتسامح الثقافي المتبعة في هولندا وبالتالي رحبت بالأديان والجنسيات المختلفة. فحظيت الزوجات الهولنديات والنساء العازبات بحقوق أكثر من تلك التي امتلكتها نساء المستعمرات الانجليزية مما شجع الهجرة من مستعمرة لأخرى لحتى أصبحت نيو نذرلاند، تقريبا بحلول 1650، أكثر المستعمرات الاوروبية تنوعا في أمريكا الشمالية في حين مثلت المستعمرات الانجليزية أقلية صغيرة لكن بدور هائل.

Map of New Netherland
خريطة لنيو نيذرلاند
Justus Danckerts (Public Domain)

فرض العرش الانجليزي سيطرته المباشرة على مستعمرات فرجينيا ( تلك النابعة من جيمستاون) بحلول عام 1624 لكن لم يستطع فعل ذلك في مستعمرات نيو إنجلاند التي أسست تقريبا حكومات محلية ذاتية. وللسيطرة على تجارة أمريكا الشمالية المربحة، أسست الحكومة الانجليزية قوانين التجارة والملاحة عام 1651 لتثبيط تجارة المستعمرين بنيو إنجلاند مع دول أخرى وللتضييق على تجارة الهولنديين في ذات الوقت. نصت تلك القوانين على التالي:

  • وحدها السفن الإنجليزية ( تلك المبنية بواسطة الإنجليز، ويمتلكها ويديرها إنجليز) تستطيع التجارة مع المستعمرات الإنجليزية.
  • يمكن شحن بضائع معينة من المنتجة في المستعمرات الإنجليزية (غالبا التبغ والسكر) لإنجلترا.
  • يجب مرور كل البضائع الأوروبية الواصلة للمستعمرات من خلال ميناء إنجليزي حيث يتوجب دفع ضرائب من قبل مسؤولي الجمارك.

يلخص الباحث آلان تايلور غرض القوانين كالتالي:

وضعت قوانين الملاحة لتحسين إيراد البضائع لإنجلترا، زيادة تدفق التجارة مما يثري التجار الإنجليز، تحفيز بناء السفن الإنجليزية وزيادة عدد البحارة الإنجليز، والتأثر بشكل عكسي على الملاحة الملكية...وفقا لوجهة النظر هذه {الخاصة بالحكومة الإنجليزية}، امتلكت الحكومة كل الحق ، والواجب، لتشكيل الاقتصاد بشكل يضمن لها حاجتها لمزيد من الربح، السفن، والرجال ليخدموا في الحروب لطرد أسواق الدول الأخرى خارج محيطهم. (258)

حققت قوانين التجارة والملاحة غرضها، لكن استمر الهولنديون في تجارتهم واتسعت نيو نذرلاند حتى عام 1664 عندما أرسل الإنجليز اسطولا للاستيلاء على المنطقة منهم. كان الإنجليز والهولنديون قد تصادموا بالفعل بشكل غير مباشر في نيو إنجلاند، لكن بين عامي 1652-1654 وعامي 1664-1667 تشابكوا في عدد من المعارك البحرية التي انتهت بخروج التجار الهولنديين من أمريكا الشمالية.

المستعمرات الوسطى

أصبحت نيو نذرلاند فيما بعد مقاطعة نيويورك، (المسماة تيمنا بـ دوق يورك، الذي أصبح ملك إنجلترا جيمس الثاني) وفي عام 1664 تم إنشاء مقاطعة نيو جيرسي (المسماة تيمنا بجزيرة جيرسي في القناة الإنجليزية)، وتم تقسيمها بين البروتستانت الاسكتلنديين في منطقة شرق جيرسي (بالقرب من نيويورك) والكويكرز الإنجليز في غرب جيرسي بواسطة نهر ديلاوير. وتم توحيد المستعمرة تحت اسم نيو جيرسي عام 1702 من قبل العرش الملكي الذي تولى السيطرة المباشرة بسلطة الإمتياز الملكي.

كان ريتشارد نيكولز (عاش بين 1624- 1672) أول حاكم إنجليزي لنيويورك والذي صك أول قوانين المستعمرة. وفيما بعد تم تطوير وتعزيز هذه القوانين من قبل الحاكم إدموند أندروس (عاش بين 1637- 1714) مما أفقد النساء مكانتهم، بالإضافة لتغييرات أخرى. يوضح تايلور:

فرض القانون العام الإنجليزي أزاح أي فرصة لنساء المستعمرات الهولندية لامتلاك أي ملكية، إدارتها أو التصرف فيها. وذلك لأنهم وفقا للقانون كانوا تحت وصاية أزواجهم، وتضاءلت مكانة النساء الهولنديات كرواد أعمال، متقاضين، وواصيين. وفي بدايات عام 1600، مارست حوالي ست وأربعين امرأة التجارة بأسمائهن الشخصية في بيفرويك { لاحقا ألباني} وهذا ما لم يحدث في ألباني عام 1700. (260)

ظل التنوع مقبولا وقائما في المنطقة باستثناء ما تعلق بحقوق الأمريكيين الأصليين. حيث طرد الهولنديون بالفعل سكان قبائل الألجونقويان وليني ليناب من أرضهم وتابعت السياسة الإنجليزية على نفس النهج. تم ازاحة قبيلة ليناب من المنطقة المعروفة اليوم بولاية ديلاوير عام 1664 وعندما تم إنشاء مقاطعة بنسلفانيا من قبل الارستقراطي الغني التابع للكويكرز وليام بن عام 1681، وأصبحت جزءا من مستعمرته حتى أصبح لها حكومة مستقلة وقانون خاص بها عام 1701.

William Penn
وليام بن
Brooklyn Museum (CC BY)

رحب بن بالسكان الأصليين من كل القبائل في مستعمراته التي أسسها على مبدأ الكويكرز بأن كل شخص حمل بداخله جزء من التنوير الإلهي. وبالتالي، تم معاملة السكان الأصليين بشكل أفضل في مستعمرة بن عن أي مكان آخر وبدأوا بالهجرة إليها، مكونين بذلك حائلا بين المستعمرات الوسطى والمستعمرات الجنوبية.

المستعمرات الجنوبية

في ظل تطوير مستعمرة نيو إنجلاند، كانت مستعمرة جيمستاون مشغولة أيضا بتوسيع مناطقها في فرجينيا. حيث أثبتت محاصيل التبغ التابعة لجون رولف أحقيتها بكونها الأكثر ربحية فيما دعوه بالعالم الجديد، وفي عام 1632، أسس الأرستقراطي سيسيل كالفرت، البارون الثاني لبالتيمور، مستعمرة ماريلاند للاستفادة من الطلب على التبغ. سميت المستعمرة تمينا بهاريتا ماريا الفرنسية (عاشت بين 1609- 1669)، زوجة الملك تشارلز الأول ملك إنجلترا، الروماني الكاثوليكي، وأرادت بالتيمور أن تكون ماريلاند بمثابة نعيم للكاثوليك بالإضافة لاستغلالها في إدرار الربح من التبغ. لكن الصراعات بين الأقلية الكاثوليكية والبروتستانت و البيوريتانية وكذلك الأنجليكية أدت في النهاية الى ما يعرف ب "زمن النهب" بين عامي 1644- 1646 وخلاله تم اضطهاد الكاثوليك وترحيل الكهنة. وبحلول عام 1704، كانت ماريلاند تنتج من التبغ بمقدار ما تنتجه فرجينيا وأصبحت الكاثوليكية محظورة قانونيا لضمان الاستقرار الإجتماعي؛ وظل الوضع هكذا حتى بعد حرب الاستقلال الامريكية.

بعد عام 1640 وخلال ستينيات القرن السابع عشر تم تأسيس التمييز العنصري والعبودية، كما أصبحت تجارة العبيد أكثر ربحية.

كان الاستقرار السبيل للإنتاجية، والإنتاجية بالطبع سبيل الربح. بداية، كانت ولايات فرجينيا قائمة على نظام طبقي مكون من نخبة ملاك الأراضي، المزارعين الصغار، والخدم المأجورين حتى بعد عام 1619 عندما تم شراء الأفارقة لأول مرة من السفينة الهولندية من قبل السير جورج ياردلي (عاش بين 1587- 1627) لزيادة الإنتاجية والربح. وعلى ما يبدو تم معاملة هؤلاء الأفارقة في البداية على قدم المساواة بالخدم المأجورين، لكن بعد عام 1640 وخلال ستينيات القرن السابع عشر تم تأسيس التمييز العنصري والعبودية، كما أصبحت تجارة العبيد أكثر ربحية. وامتلكت كل من ميريلاند وفرجينيا، المعروفان بمستعمرات تشيسابيك، نسبة كبيرة من العبيد بحلول عام 1670 وشجعهم نجاحهم على إنشاء مقاطعات من كارولينا حتى جنوب فرجينيا.

تم إنشاء مستعمرة كارولينا، المسماة تيمنا بالملك تشارلز الأول، عام 1663 نتيجة الازدحام ونقص الفرص في مستعمرة باربادوس الإنجليزية. وقام النبلاء الإنجليز الأثرياء، في رغبة منهم لتوفير فرص مالية لأبنائهم، بتأسيس نظام المانورالية الإقطاعي الذي تم إدارته من قبل مجلس من النبلاء عرف بمالكي اللوردات الذي شجع على التسامح الديني، وحظر أي هجوم - لفظي أو غيره - على أي ديانة، وكلف المزارع الصغيرة بالتبعية لأصحاب المزارع الكبيرة.

اعترضت مجموعة من المستوطنات بالقرب من فرجينيا على هذه القوانين، وفي عام 1691، أنشا مجلس مالكي اللوردات كارولينا الشمالية كمستعمرة مستقلة لحفظ السلام مع هؤلاء المستوطنين. وقامت الجماعة السياسية المعروفة برجال جوس كريك (سميت هكذا لأنهم عاشوا في منطقة جوس كريك المفضلة لدى النخبة) بالهيمنة على السياسة في جنوب كارولينا وأصبح بمقدورهم فعل ما أرادوا، لاغيين التسامح الديني وفرضوا قوانين تحميهم من هجمات الأسبان من الجنوب (حيث حظي الأسبان بمستعمرتهم المعروفة اليوم باسم فلوريدا)، وهجمات السكان الأمريكيين الأصليين من الداخل، واحتمالية ثورة العبيد، حيث أن كارولينا - كل من الشمالية والجنوبية- حظيت بتعداد كبير من العبيد. يكتب تايلور:

استنتج حكام كارولينا الاوائل أن السبيل للسيطرة على السكان المحليين كان تجنيدهم كصائدي عبيد بإعطائهم الأسلحة والذخيرة كحافز ... ولتحمل تكاليف الأسلحة، داهم هؤلاء المحليين السكان المحليين الآخرين للحصول على أسرى لبيعهم كعبيد - أو طاردوا وأعادوا الأفارقة الهاربين... حيث إن نقصان الأسلحة منهم سيعني معاناتهم في الصيد واحتمالية مداهمة العبيد المحليين المسلحين لهم والممولين بشكل أفضل من مستعمريهم... بمتابعة تجارة الأسلحة والعبيد، اكتسب الكاروليون السلطة على السكان الأصليين، مؤمنين حدودهم وناشرين الدمار على مجموعة كبيرة من المحليين. وسعت الشعوب المُعذَبة ببؤس لخلق طرق تجارتهم الخاصة لتأمين السلاح من أجل الدفاع عن نفسهم؛ ولكن لتحمل تكاليف تلك الاسلحة، أصبحوا غائرين، مداهمين على سكان محليين آخرين، وناشرين الخراب لمئات الأميال بعيدا عن كارولينا. لم يدفع الإنغراق بدرجات متفاوتة في تجارة العبيد المحليين لكي يدركوا، حتى وقت متأخر، أن الأمر سيدمرهم جميعا في النهاية.

إن الدمار الذي يشير إليه تايلور أصبح ممكنا بسبب سياسة فرق تسد الإنجليزية، التي جعلت الأحزاب المعادية للإنجليز معادية لبعضها. ولو اتحدت القبائل المحلية في مواجهة المهاجرين الإنجليز، لتمكنوا من إيقاف التغلغل لأراضيهم، ولو أنهم تحالفوا مع العبيد الأفارقة بدلا من السعي ورائهم وإرجاعهم لأسيادهم، لحظوا بحلفاء قيمين. لكن السياسة الإنجليزية كانت ناجحة، وتم تشجيع الأفارقة والسكان المحليين على خيانة بعضهم وتقليل ثقتهم ببعض في حين وسع الإنجليز مساحة الأراضي المسيطرين عليها.

The Cotton Pickers by Winslow Homer
قاطفات القطن للرسام وينسلو هومر
Winslow Homer (Public Domain)

وتم تأسيس جورجيا، المسماة تيمنا بـ ملك إنجلترا جورج الثاني، في جزء من مستعمرة كارولينا عام 1733 بواسطة السياسيين والمستصلحيين جيمس أوجلثورب (عاش بين 1696-1785) الذي أمل في إنشاء مستعمرة طوباوية خالية من العبودية أو أي عداء ديني أو مساواة غير اجتماعية فارقة. لكن السياسات الأمريكية لمستعمرات كارولينا كانت بالفعل قد أزاحت معظم السكان الأصليين الذين نجوا من الأمراض الأوروبية ولهذا كان هناك مساحات شاسعة من الأراضي لامتلاكها ولكن أيضا عدد هائل ممن رغب بالاستقرار بها. حددت الحكومة الاستعمارية مساحة 50 فدان من الأرض لكل مستوطن جديد، ليس فقط بدافع العدل ولكن لمنع تطور أي عبودية في المستعمرة. حيث أن المزارع الكبيرة لم تتمكن من العمل دون عمل الرقيق وبما أن جورجيا رفضت العبودية، رفضت أيضا إنشاء هذه المزارع الكبيرة.

عارضت عدد من المستعمرات هذه السياسة، زاعمين أنهم بذلك يتم حرمانهم من حريتهم الشخصية بمنعهم من حقهم في امتلاك العبيد. يكتب تايلور:

احتشد المعارضون في جورجيا وراء الشعار الصريح " الحرية والامتلاك بدون قيود"- الذي ربط بشكل صريح حرية الرجل الأبيض بحقهم بامتلاك السود كملكية. وأعتبروا حريتهم منقوصة طالما لم يستطيعوا امتلاك العبيد.

في عام 1751، أصدرت الحكومة الاستعمارية قانونا - فيما يخص اعتراضات أوجلثورب- سامحا بامتلاك العبيد في المستعمرة. وتم إنشاء حكومة جديدة، مؤسسة على نهج حكومة كارولينا، وتم دعوة المزيد من الناس للاستقرار بها، مما زاد من التعداد السكاني من "3000 من البيض و 600 من السود في عام 1751... الى 18,000 من البيض و 15,000 من السود عام 1755" (تايلور، 243). ولكن بإستمرار استيراد المزيد من الأفارقة كعبيد، وبإستمرار نمو الإدراك بسوء المعاملة الممنوحة للسكان الاصليين، أصبح الخوف من التحالف بين الأفارقة والسكان الأصليين محققا.

الخاتمة

زادت المستعمرات الجنوبية جهودها في سياسة فرق تسد لتشجيع السكان الاصليين لأسر وإرجاع العبيد الأفارقة وأيضا لغزو القبائل المجاورة للحصول على العبيد لشحنهم لجزر الهند الغربية. تم صك قوانين عبودية أكثر قسوة، تصرح بأن العبد ملكية دون أي حقوق إنسانية، وتم تشجيع العبيد للوشاية على بعضهم فيما يخص شكواهم عن معاملة البيض لهم. وبناءا على هذا تم تشجيع الأفارقة لخيانة بعضهم تماما كما تم مع السكان الأمريكيين الأصليين، لتدمير أي شكل من أشكال المقاومة في وجه الاستعمار والتمدد الإنجليزي.

حددت مبيعات الكحول والأسلحة للسكان الأصليين، بالإضافة للقوانين القامعة والغير أخلاقية فيما يخص حقوقهم، الكثير من القبائل كتهديد في حين أن السياسات المشجعة للخوف والعداء بين العبيد الأفارقة والسكان الأصليين قمعت الانتفاضات المقلقة. وحقق المستعمرين الإنجليز الاستقرار الذي رجوه من أجل الإنتاجية والربح، وبحلول عام 1760، يكتب تايلور، " أصبحت مجموعة صغيرة نسبيا من البيض فاحشة الثراء، مرفهة، وقوية سياسيا من خلال استغلال عدد كبير من العبيد الأفارقة" (243). في ذات الوقت وفرت إزالة قبائل السكان الأصليين، أو تحييدهم "مساحات كبيرة من الأراضي الخصبة في كارولينا وجورجيا" مما وفر " المزيد من الفرص للعامة" لتدفق المزيد من المستوطنين (تايلور، 243 -244). واستطاع هؤلاء المستعمرين التمدد نحو الجنوب بعدما فاز الإنجليز في الحرب الفرنسية الهندية عام 1763.

دعمت اسبانيا فرنسا وحلفائها من السكان الأصليين ضد الإنجليز وضد السكان الأصليين المعادين لهم، وعندما تم هزيمة الفرنسيين، خسرت أسبانيا مستعمرة فلوريدا للإنجليز. وبهذا استولت انجلترا على الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية كاملا من نيو إنجلاند وصولا لفلوريدا. وأصبحت العبودية في المستعمرات الوسطى نمطية بالإضافة للسياسات المستغلة المتزايدة بشأن السكان الأصليين، وتم إتباع هذا النظام بحذافيره من قبل المستعمرات الجنوبية، خاصة بعد تمرد بيكون في فرجينيا عام 1676 حيث أتحد الخدم السود والبيض مع العبيد والفقراء من البيض لمحاولة إزاحة الحكومة الاستعمارية التي فضلت النخبة من مالكي الأراضي.

ألغى تمرد بيكون نظام الخدمة بالسخرة، وأدى إلى زيادة استيراد العبيد، والإعتماد بشكل أكبر على عمل العبيد، والتشريد الهائل للأمريكيين الأصليين في المنطقة. ورغم أن العبودية لم تكن ضرورية لاقتصاد نيو إنجلاند والمستعمرات الوسطى، إلا أنها ظلت تمارس وتؤخذ ليس فقط كجانب مهم للنجاح المادي لكن كجانب مربح للأفارقة ايضا.

كان الأفارقة والأمريكيون الأصليون على اعتقاد بإحتياجهم للخلاص المسيحي؛ على الرغم من أن رحلات التبشير للطرفين كانت ذات أولوية قليلة عند المستعمرين الإنجليز. واستمرت مستعمرات نيو إنجلاند، المستعمرات الوسطى والمستعمرات الجنوبية على تطوير وتوسيع رقعها حتى بحلول عام 1770 كانت النخبة الغنية من أصحاب الأراضي يؤيدون فكرة الإنفصال عن الحكم الإنجليزي، مصرين، كما عرف عنهم، على حقهم بالحياة والحرية والسعي لتحقيق السعادة التي حرموا الآلاف من غير الإنجليز وغير البيض منها.

نبذة عن المترجم

Asmaa Yunes
أسماء يونس، طالبة طب بشري أبلغ من العمر 23 عاما. متحمسة لتعلم أشياء جديدة.

نبذة عن الكاتب

Joshua J. Mark
كاتب مستقل وأستاذ سابق بدوام جزئي في الفلسفة في كلية ماريست، نيويورك، عاش جوشوا ج. مارك في اليونان وألمانيا وسافر إلى مصر. قام بتدريس التاريخ والكتابة والأدب والفلسفة على المستوى الجامعي.

استشهد بهذا العمل

نمط APA

Mark, J. J. (2021, April 06). المستعمرات الإنجليزية الوسطى والجنوبية [Middle and Southern English Colonies]. (A. Yunes, المترجم). World History Encyclopedia. تم استرجاعها من https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-19627/

أسلوب شيكاغو

Mark, Joshua J.. "المستعمرات الإنجليزية الوسطى والجنوبية." تمت ترجمته بواسطة Asmaa Yunes. World History Encyclopedia. آخر تعديل April 06, 2021. https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-19627/.

أسلوب إم إل إيه

Mark, Joshua J.. "المستعمرات الإنجليزية الوسطى والجنوبية." تمت ترجمته بواسطة Asmaa Yunes. World History Encyclopedia. World History Encyclopedia, 06 Apr 2021. الويب. 30 Oct 2024.